بوابة المغرب الشرقي
شهد عالمنا في الآونة الأخيرة انتشار ظاهرة العزوف عن الزواج بشكل لم يسبق أن عاشه من قبل. حيث أصبحت هذه الظاهرة تهدد بشكل مباشر بنية المجتمع و تركيبته الاجتماعية.
و كما هو معلوم أن الزواج المبكر علامة بصمت تقاليد و أعراف عدد من المجتمعات السالفة ومنها المجتمع الإسلامي ، حيث كان ما إن تبلغ الفتاة سن الزواج، حتى يسارع الشاب لخطبتها في إطار الحفاظ على مفهوم الأسرة.
ورغم أن الإسلام لم يحدد سنا للزواج إلا أنه بدون شك حث عليه. قال الله تعالى في محكم تنزيله “ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ۚ إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون” سورة الروم الأية 21.
كما قال الرسول صلى الله عليه و سلم: يا معشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وِجَاءٌ».
والملاحظ جليا اليوم أن الزواج فقد قداسته كقيمة إنسانية و ضرورة لإستمرار النسل البشري، و ذلك بسبب تغيير نظرة الشباب له نتيجة إختلاف نمطية التفكير و المعايير و كذا العادات والتقاليد التي تبنى عليهم أسس كل أسرة داخل المجتمع.
حيث يبرر البعض أنهم يرفضون إتخاذ مبادئ أجدادنا كركائز لهم أيضا، فعلى الشباب الإستمتاع بحياتهم أولًا و ما الزواج إلا آخر قرار يتخذونه في حياتهم.
و هذه الأفكار بنيت جراء تغير تربية الأباء و الأمهات لأولادهم، فنشأوا وهم فاقدوا القدرة على تحمل المسؤولية .ناهيك عن تعلق شبابنا بالماديات و المظاهر، فأصبحوا راغبين في ملذات الحياة ونزواتها .
أما عن الأسباب التي دفعت الشباب إلى العزوف عن الزواج نذكر:
-البعد عن الدين و قلة الإيمان بأن الأرزاق من عند الله
-البطالة و الفقر و إنخفاض مستوى الدخل
-تكاليف الزواج
-عدم القدرة على تحمل المسؤولية و الخوف من تقييد الحرية الشخصية
-إنعدام الثقة بين الطرفين.
لكل دوافع نتائج ، و مما لا شك فيه أن لتأخر الزواج أو عدمه إنعكاسات سلبية و تتجلى في:
-إنتشار الرذيلة و العلاقات الغير شرعية.
-كثرة جرائم الإنتحار و الإغتصاب
-فقدان الثقة بالنفس بالنسبة للمرأة خاصة.
كما لعب الإعلام دور أساسي في إنتشار هذه الظاهرة حيث أصبح سلاح من يمتلكه بل و أكثر من ذالك يمكن له أن يجرم البريء و يبرئ المجرم حيث يبدي الجانب السلبي فقط للزواج بينما يتم التستر على الجانب الإيجابي، و ذلك عبر المسلسلات المعروضة على قنوات الصرف الصحي كما يقول البعض.
يمكننا معا تجاوز هذه الكارثة بإصلاحها أولا عن طريق إحكام الوازع الديني ، مع تيسير تكاليف الزواج بمساعدة الشاب على الحصول على العمل على الأقل. فإن لم يستطع المجتمع ايجاد حل لضوء الحلال ، فلن يجد الشباب سبيلا لتلبية حاجاتهم الغريزية إلا طريق الحرام، حينها سنذبل تحت ظلال الفساد.
نشكر الكاتبة كوثر على مجهودها الجبار في إيصالنا فكرتها مع الحلول المناسبة لهذه الظاهرة التي أصبحت رائجة في مجتمعنا.