تجارب بركانية ناجحة في اللقاء السنوي لرؤساء مجالس العمالات والأقاليم المغربية بالسعيدية

بوابة المغرب الشرقي

نظمت الجمعية المغربية لرؤساء مجالس العمالات والأقاليم الخميس المنصرم بالسعيدية، على هامش الجمع العام السنوي العادي للجمعية، ندوة وطنية حول موضوع “المراقبة المالية رافعة لتدعيم الحكامة الترابية الجيدة” بتعاون مع المديرية العامة للجماعات الترابية والمجلس الأعلى للحسابات، في إطار تنزيل أهداف الجمعية المتمثلة في المساهمة في النقاش العمومي لتدارس مختلف القضايا التي تهم تطوير ورش اللامركزية ببلادنا عموما وتجويد الإطار القانوني للرفع من مستوى أداء مجالس العمالات والأقاليم على وجه الخصوص.


تميزت هذه الندوة بمداخلات لكل من مصطفى الهروس رئيس لجنة التعاون والعلاقات الخارجية، وممثلين عن المجلس الأعلى للحسابات، الخزينة العامة للمملكة، المفتشية العامة للإدارة الترابية، المفتشية العامة للمالية والمديرية العامة للجماعات الترابية، وعروض من طرف منتخبين ومسؤولين في قطاعات في مجال الحكامة المالية..تم من خلالها بسط الإشكاليات التي تطبع تنفيذ بعض بنود الميزانية في ظل غموض وتداخل الاختصاصات في مجال التنمية الاجتماعية ومحاربة الهشاشة بين الجماعات الترابية ومختلف المتدخلين الآخرين، مع دراسة كيفية التعاطي معها والبحث عن سبل تجاوزها. وأوضح عبد الوهاب الجابري العامل المكلف بالتعاون التوثيق بالمديرية العامة للجماعات الترابية، دور الحكامة والمراقبة المالية. وذكر عبد الحفيظ بنطاهر ممثل الرئيسة الأول للمجلس الأعلى للحسابات، بالأوراش الملكية التي جعلت من المغرب رافعة في التقدم الاقتصادي ورافعة في الرفع من التحديات التي تواجه بلادنا. وأضاف أن المجالس الترابية تضطلع بدور استراتيجي في تنفيذ المشاريع ومراقبتها.

مجالس العمالات والأقاليم “برلمان مصغر” يسعى تنزيل حكامة تحقق أهداف التنمية

رحب محمد علي حبوها عامل إقليم بركان، بفكرة عقد هذا الجمع العام بمدينة السعيدية لما تزخر به هاته المنطقة والاقليم من إمكانيات ومؤهلات التي تتوافق مع النظرة الاستشرافية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله. وأضاف أن الإدراك بالمسؤولية القانونية يعطي نتائج جيدة، وأن الحكامة والقيادة المسؤولة تحقق النتائج المرجوة والمنصوصة والمؤطرة بقانون.
ونبه أن المجلس الأعلى للحسابات يتوفر على جميع الاختصاصات في كل المجالات، وأنه في تقاريره السنوية لا يتوقف فقط عن الاختلالات بل يسطر ما ثم إنجازه من إيجابيات.


وقال محمد علي حبوها أن الاستثمارات عن طريق مؤسسات الدولة تشكل دينامية خاصة وبالخصوص استثمارات المجالس المنتخبة في جميعإ مناطق المملكة، التي تمثل رافعة أساسية للتنمية المجالية. وفي كلمته الافتتاحية للندوة العلمية وصف مجالس العمالات والأقاليم ب”البرلمان المصغر” الذي يسعى إلى تنزيل حكامة تحقق أهداف التنمية، وأضاف “لا حكامة بدون مراقبة ومواكبة من أجل تحسين الأداء”. وأوضح أن الإكراهات المالية التي تعترض مهام بعض الرؤساء، قد يكون لها حلول وفق ما تسمح به الميزانية والقوانين المسيرة، وكلما كان الرئيس واعيا بالإجراءات والقوانين المسطرة، كلما كان الأداء جيدا خصوصا لمن يخوض أول مرة هذه التجربة. واعتبر الوعي بما هو مسموح به، الوسيلة الناجعة لتيسير الأداء الجيد للمجالس. وذكر عامل الإقليم بالدور الرائد الذي تلعبه المجالس الجهوية للحسابات خصوصا على مستوى التأطير والمواكبة، وقال “إنها تملك دراية بمختلف الاختصاصات، وهذا معطى جيد لتحسين أداء المحالس الترابية”.

نشر ثقافة “التدبير بالنتائج” في ظل الثورة الرقمية

سجل رئيس المجلس الإقليمي لبركان محمد جلول، أن المجالس تعاني اليوم من شح في الموارد وارتفاع في النفقات، مما يتطلب نشر ثقافة “التدبير بالنتائج” في ظل ثورة رقمية لها تأثير على جميع مناحي الحياة، وأن أهم ما يميز هذه المرحلة الطفرة الرقمية والثورة التكنولوجية التي يعرفها العالم والتي أصبح لها تأثير كبير على جميع مناحي الحياة بما في ذلك العمل الإداري، الذي اجتمعوا ن أجل مناقشة أشكال تطويره وتحسينه وتجويده. واستعرض جلول ثلاث تجارب متميزة راكمها إقليم بركان مفيدة للجميع في تدبير الشأن المحلي.


وأكد أن إقليم بركان حقق من خلال التجربة الأولى ريادة في مجال الرقمنة، معتبرا أن انخراط الإقليم في التحول الرقمي شكل رافعة للحكامة الجيدة، وأضفى تصورا جديدا على العمل الإداري، كما ساهم في إعادة طرق التدبير الإداري وتطوير علاقة المجلس مع الشركاء والمستفيدين على السواء، تستهدف كلها تقديم قيمة مضافة لهذا النوع من التدبير العمومي ستساعد على التنزيل الأمثل لمبادئ النزاهة والشفافية والحكامة الجيدة بالإضافة إلى تقوية وتعميق عناصر النجاعة وحسن الأداء. ودعا الجماعات الترابية بمختلف ربوع الوطن إلى الإنخراط في مسلسل هذا التحول الرقمي باعتبارها رافعة أساسية لتحقيق الحكامة المالية والإدارية كذلك، وأن “تنزيل تصور جديد لعملنا الإداري يستلزم في البداية تقوية البنية التحتية الرقمية وتعزيز النضج الرقمي بمختلف جماعاتنا الترابية بالإضافة إلى إعادة النظر في طرق تدبير وتنظيم ومراقبة عمل الجماعات الترابية على ضوء المستجدات القانونية قبل الشروع في تزويدها بمنظومة رقمية تعنى بتدبير مختلف العلاقات التي تنسجها في مختلف الميادين ومع مختلف الشركاء والمستفيدين كعلاقتها بالمرتفقين علاقاتها الداخلية أو علاقاتها بمحيطها المؤسساتي أو المجتمعي”.


ورغبة منه تقاسم التجارب الرائدة، قدم رئيس المجلس الإقليمي لبركان التجربة الثانية، والتي تتميز كذلك بخصوصيات لا مثيل لها في التجارب الوطنية الأخرى، وتتعلق بنموذج تجربة شركات التنمية المحلية، مثل “مرافق بركان” المتخصصة في جمع النفايات و”حركية بركان” في مجال النقل و”حياة بركان” في مجال تسيير المجازر والأسواق النموذجية. وتعتبلر شركة التنمية المحلية ببركان هي أول تجربة وطنية تمنح لشركة التنمية المحلية تدبير النفايات، وشركة التنمية المحلية مجال بركان هي أو تجربة تهتم بتطوير العمل الإداري بالإقليم والمساهمة في رقمنته في اتجاه تحويله لمجال ترابي ذكي.
وتتعلق التجربة الثالثة، يضيف محمد جلول بالنقل المدرسي، والتي حققت نجاحا على مستوى استمرارية الدراسة في العالم القروي ومحاربة الهدر المدرسي خصوصا في صفوف الفتيات والتي تتميز كذلك بخصوصيات لا مثيل لها في التجارب الوطنية الأخرى، بصفتها تجربة رائدة كذلك، بالنظر للحلول التي قدمتها،بسبب بعد مساكن التلميذات والتلاميذ عن المؤسسات التعليمية، “مكنتنا هذه التجربة من تدبير أفضل لإمكانياتنا سواء تعلق الأمر بالجانب التنظيمي كإحداث الجمعية الإقليمية لتطوير وتعميم التعليم،وما أحدثه من تطوير لحكامة هذا المرفق أو تعلق الأمر بالميزانية المخصصة لهاته الخدمة الاجتماعية التي أصبحت أكثر توازنا وأكثر دقة إن على مستوى الحافلات التي تمت تعبئتها من أجل نقل الأعداد المتزايدة للفئات المستهدفة من التلاميذ أو على مستوى الجودة التي تطورت وثقافة المتدخلين التي تغيرت لنصل والحمد الله لنقل تربوي بيداغوجي حقيقي ناجع وفعال بدلا من نقل مدرسي كلاسيكي لا يستجيب لمعايير الجودة والراحة النفسية للتلميذات والتلاميذ”، معبرا عن رغبته واستعداده لتقاسم هاته التجارب مع جميع المجالس الترابية في مختلف أقاليم المملكة لنقل هاته الخبرة التي راكمها إقليم بركان.

توصيات مهمة لرؤساء مجالس العمالات والأقاليم

اختتمت أشغال الندوة العلمية بإصدار توصيات هامة ركزت على الخصوص على ضرورة القيام بدورات تكوينية بمساهمة من المجالس الجهوية للحسابات بغية الرفع من القدرات التدبيرية وتأهيل وتطوير كفاءات ومهارات المنتخبين والموظفين بغية التنزيل السليم للمقتضيات القانونية. وانبثقت عنها مجموعة من المقترحات العملية التي تروم مجال الرقابة على مالية مجالس العمالات والأقاليم وهي دعم وتقوية الجماعات الترابية بالموارد البشرية الكفؤة والمتخصصة في مجال التدقيق الداخلي والافتحاص، والدعوة لأن تكون مهام المراقبة سنوية و كلما اقتضى الأمر بذلك، واختيار فترة ملائمة من العام لإنجاز مهمة الإفتحاص وتفادي الفترات التي تعرف ضغطا في العمل (فترة نهاية العام – فترة إعداد الميزانية – فترة ختم العام المالي…) وذلك نظرا لقلة الموارد البشرية، وتخصيص غلاف زمني كاف وملائم للجواب على الملاحظات وتفعيل التوصيات، ومواكبة المجالس المعنية لتفعيل أمثل للتوصيات، والتنسيق مع خلية الإفتحاص الداخلي لتسهيل التواصل في عملية توفير المعطيات المرتبطة بمهمة التدقيق، والقيام بدورات تكوينية بمساهمة من المجالس الجهوية للحسابات بغية الرفع من القدرات التدبيرية وتأهيل وتطوير كفاءات ومهارات المنتخبين والموظفين بغية التنزيل السليم للمقتضيات القانونية، ودعم ومساعدة مجالس العمالات والأقاليم على إرساء جآليات الرقابة الداخلية وتطوير منظومة للتدقيق الداخلي لاتخاذ الإجراءات الإستباقية قبل الوقوع في أخطاء تدبيرية، و ذلك بدعم من أجهزة الرقابة، ووضع آليات للتواصل والتنسيق الزمني بين مختلف المؤسسات المكلفة بالرقابة المالية لمجالس العمالات والأقاليم، والتحسيس بأهمية الأعمال الرقابية وثقافة المساءلة والمحاسبة لتعزيز الشفافية والنزاهة والحكامة الجيدة و بأهميتها في تجويد الخدمات، ومساعدة مجالس العمالات والأقاليم على تنفيذ توصيات الأجهزة المكلفة بالرقابة، وضرورة توضيح بعض القوانين التي يكتنفها غموض عبر دوريات و دلائل لتجاوز القصور التشريعي في بعض المواد والقوانين التنظيمية للجماعات الترابية، واتباع سياسة وقائية لمعالجة الاختلالات عبر تمكين المدبرين الترابيين على التواصل مع أجهزة الرقابة لاجلاء الغموض حول بعض الإجراءات، ودعوة مجالس العمالات والأقاليم لتبني أنظمة التدبير العصري ولاسيما مؤشرات النجاعة والتتبع والإنجاز والأداء وأنظمة المعلومات.

عبد الرحيم باريج/شكري _ بوشيخي

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

المزيد