بوابة المغرب الشرقي
منذ إعلان الدولة الجزائرية القطيعة الدبلوماسية مع المملكة المغربية، رافق ذاك الإعلان حرب شرسة على المغرب نظاما وشعبا حيث تمثلت مظاهر الحرب في تعطيل كل أشكال التعاون القائمة بين الجهتين، خاصة في المجال الأمني والسياسي دون تقديم الجزائر لمبررات موضوعية تفيد بأسباب هذه القطيعة، ورغم الخرجات الإعلامية المتكررة لمسؤوليي النظام العسكري الجزائري برئاسة عبد المجيد تبون، الذي أكد بدوره في ما من مناسبة أن قرار قطع العلاقات مع المملكة المغربية لا يمس الشعبين المغربي والجزائري مشددا أن الخدمات القنصلية لن تتأثر بهذا القرار وغيره من القرارات التي قد تلي خصوصا بعد إعلان الجزائر خضوع علاقتها بالمغرب لمراجعة جذرية منذ استئناف العلاقات بين الطرفين سنة 1988 بعد قطيعة المغرب التي فرضها سياق اعتراف الجارة الجزائر بالكيان الوهمي “البوليساريو” سنة 1976.
يظل السبب الرئيسي لتشنج العلاقات بين البلدين الجارين هو مشكل الصحراء المغربية، حيث تعتبر الجزائر دفاع المغرب عن سيادة أراضيه الجنوبية تحت مقترح”الحكم الذاتي” بمثابة نزعة توسعية وتنكر للقانون الدولي الذي تصف من خلاله الجزائر دون وجه حق المملكة المغربية بالمستعمر وتترافع أمميا ضدها لتصفية ما تسميه استعمارا لأراضي كيان وهمي لا وجود له من الأساس…
فدعم الجزائر لجبهة البوليساريو لم يكن يزعج المغرب كثيرا لأن ديبلوماسية المملكة مقتنعة بأداء سياستها الخارجية في الترافع عن مقترح الحكم الذاتي، كما لا ننسى حكمة الملك محمد السادس الذي ظل ثابتا على مبدأ حسن الجوار وعبر عن رفض بلده للدخول في حرب ضد الجارة الجزائر “إننا نجدد الدعوة الصادقة لأشقائنا في الجزائر، للعمل سوياً، دون شروط، من أجل بناء علاقات ثنائية، أساسها الثقة والحوار وحسن الجوار. ذلك، لأن الوضع الحالي لهذه العلاقات لا يرضينا، وليس في مصلحة شعبينا، وغير مقبول من طرف العديد من الدول” مقتطف من خطاب الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش المجيد. ولأن المملكة المغربية دولة أصيلة فقد كانت سباقة دائمة لمبادرة “اليد الممدودة” لكن بلا جدوى لأن المصالحة كانت تقابل بردود أفعال لا تمت لحسن الجوار ولا لوحدة الدين بصلة حيث تمادت الجزائر من خلال اتهاماتها الباطلة وادعاءاتها المزعومة للمملكة المغربية وإسرائيل كون هاتين الأخيرتين تقفان وراء قيام منظمتين إرهابيتين (حسب مجلس الأمن الجزائري) ويتعلق الأمر بكل من “رشاد” الإسلامية و”ماك” الانفصالية، وتسببهما بإشعال حرائق غابات بمنطقة القبايل.
لم تتوقف وقاحة النظام الجزائري عند هذا الحد بل قام وفي ما من مرة بنشر سمومه وإشاعة عدائيته ضد المغرب في العديد من المحطات والمناسبات الدولية عبر تكريس خطابات وشعارات راديكالية مشحونة بالغل والحقد “أعطيو البنان مروكي حيوان” فإلى أين نسير من هذه الأفعال الإجرامية والسلوكيات المخلة بمبدأ حسن الجوار خصوصا وأن أسرارا كثيرة وكبيرة ومرعبة قد تبدو خفية للعامة لكنها ظاهرة للمتتبع والمهتم بهذا النزاع المزعوم والتي تحاول الجزائر تسويقه على أساس أنها ضحية للمغرب الذي كان سببا في إغلاق الحدود البرية سنة 1994 والجوية مع الأزمة الأخيرة لكن الأسئلة التي يجب أن تطرح نفسها، لماذا قامت الجزائر بتمكين بعض من قيادة استخباراتها العسكرية بتندوف من بطائق انتماء لكيان البوليساريو بأسماء مستعارة وهو نفس الشيء بالنسبة لمختلف تمظهرات البلطجة التي عرفها الملف إبان فترة حكم القذافي…
لقد نهجت المملكة المغربية سياسة حسن الجوار والحوار الهادف والدبلوماسية الذكية لإيجاد حلول للخلافات المزعومة بما يضمن أمن واستقرار البلدين، ويعزز التعاون القاري المشترك، تتطلع المملكة المغربية إلى تجاوب إيجابي ينهي الأزمة ويعيد المياة إلى مجاريها لكن ليس على حساب كرامة المغرب وخبث جوار الجزائر.
تعليقات ( 0 )